سورة الروم - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الروم)


        


{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (13)}
الإبلاس: أي يبقى بائساً ساكناً متحيراً. يقال: ناظرته فأبلس. إذا لم ينبس وبئس من أن يحتجّ. ومنه الناقة المبلاس: التي لا ترغو. وقريء {يبلس} بفتح اللام، من أبلسه إذا أسكته {مِّن شُرَكآئِهِمْ} من الذين عبدوهم من دون الله {وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كافرين} أي يكفرون بآلهتهم ويجحدونها. أو وكانوا في الدنيا كافرين بسببهم. وكتب {شفعاؤا} في المصحف بواو قبل الألف، كما كتب {عُلَمَاء بَنِي إِسْرائيلَ} [الشعراء: 197] وكذلك كتبت {الساوأى} بألف قبل الياء إثباتاً للهمزة على صورة الحرف الذي منه حركتها.


{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)}
الضمير في {يَتَفَرَّقُونَ} للمسلمين والكافرين، لدلالة ما بعده عليه.
وعن الحسن رضي الله عنه: هو تفرّق المسلمين والكافرين: هؤلاء في عليين، وهؤلاء في أسفل السافلين- وعن قتادة رضي الله عنه: فرقة لا اجتماع بعدها {فِى رَوْضَةٍ} في بستان، وهي الجنة. والتنكير لإبهام أمرها وتفخيمه. والروضة عند العرب: كل أرض ذات نبات وماء. وفي أمثالهم: أحسن من بيضة في روضة، يريدون: بيضة النعامة {يُحْبَرُونَ} يسرون. يقال: حبره إذا سرّه سروراً تهلل له وجهه وظهر فيه أثره، ثم اختلفت فيه الأقاويل لاحتماله وجوه جميع المسارّ؛ فعن مجاهد رضي الله عنه: يكرمون، وعن قتادة: ينعمون.
وعن ابن كيسان: يحلون.
وعن أبي بكر بن عياش: التيجان على رؤوسهم.
وعن وكيع: السماع في الجنة.
وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم: أنَّه ذكرَ الجنةَ وما فيها منَ النعيم، وفي آخرِ القوم أعرابيّ فقال: يا رسولَ اللَّهِ، هل في الجنةِ من سماع؟ قالَ: «نعم يا أَعرابي، إنّ في الجنة لنهراً حافتاه الأبكار من كلِّ بيضاء خوصانية، يتغنين بأصواتٍ لم تسمعّ الخلائق بمثلها قط، فذلكَ أفضلَ نعم الجنة» قال الراوي: فسألت أبا الدرداء: بم يتغنين؟ قال: بالتسبيح.
وروي: «إنّ في الجنة لأشجاراً عليها أجراس من فضة، فإذا أراد أهل الجنة السماع بعث الله ريحاً من تحت العرش فتقع في تلك الأشجار، فتحرك تلك الأجراس بأصوات لو سمعها أهل الدنيا لماتوا طرباً» {مُحْضَرُونَ} لا يغيبون عنه ولا يخفف عنهم، كقوله: {وَمَا هُم بخارجين مِنْهَا} [المائدة: 37]، {لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} [الزخرف: 75].


{فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)}
لما ذكر الوعد والوعيد، أتبعه ذكر ما يوصل إلى الوعد وينجي من الوعيد والمراد بالتسبيح ظاهره الذي هو تنزيه الله من السوء والثناء عليه بالخير في هذه الأوقات لما يتجدّد فيها من نعمة الله الظاهرة. وقيل: الصلاة.
وقيل لابن عباس رضي الله عنهما: هل تجد الصلوات الخمس في القرآن؟ قال: نعم، وتلا هذه الآية {تُمْسُونَ} صلاتا المغرب والعشاء {تُصْبِحُونَ} صلاة الفجر {وَعَشِيّاً} صلاة العصر. و{تُظْهِرُونَ} صلاة الظهر. وقوله: {وَعَشِيّاً} متصل بقوله: {حِينَ تُمْسُونَ} وقوله: {وَلَهُ الحمد فِي السماوات والأرض} اعتراض بينهما. ومعناه: إنّ على المميزين كلهم من أهل السموات والأرض أن يحمدوه.
فإن قلت: لم ذهب الحسن رحمه الله إلى أنّ هذه الآية مدنية؟ قلت: لأنه كان يقول: فرضت الصلوات الخمس بالمدينة وكان الواجب بمكة ركعتين في غير وقت معلوم. والقول الأكثر أنّ الخمس إنما فرضت بمكة.
وعن عائشة رضي الله عنها: «فرضت الصلاة ركعتين فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أقرّت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر» وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يكال له بالقفيز الأوفي فليقل: {فسبحان الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17)}... الآية» وعنه عليه السلام: «من قال حين يصبح: {فسبحان الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} إلى قوله: {وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} أدرك ما فاته في يومه. ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته»، وفي قراءة عكرمة: {حينا تمسون وحينا تصبحون} والمعنى: تمسون فيه وتصبحون فيه. كقوله: {يَوْمًا لاَّ تَجْزِى نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48] بمعنى فيه {الحى مِنَ الميت} الطائر من البيضة، و{الميت مِنَ الحى} البيضة من الطائر. وإحياء الأرض: إخراج النبات منها {وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} ومثل ذلك الإخراج تخرجون من القبور وتبعثون. والمعنى: أنّ الإبداء والإعادة متساويان في قدرة من هو قادر على الطرد والعكس من إخراج الميت من الحيّ وإخراج الحي من الميت وإحياء الميت وإماتة الحي. وقرئ {الميت} بالتشديد. {وتخرجون}، بفتح التاء.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8